وبدأ عرفات حياته السياسية في مطلع حقبة الخمسينيات من القرن الماضي حينما شارك في عام 1952 عندما كان طالبا في كلية الهندسة بجامعة القاهرة في تأسيس اتحاد طلبة فلسطين في مصر. وقد تولى رئاسة رابطة الخريجين الفلسطينيين بعد نجاح ثورة يوليو/ تموز بقيادة جمال عبد الناصر في الاستيلاء على السلطة. وظهرت مواهبه منذ سنوات شبابه المبكر كناشط وزعيم سياسي. وقد انجذب في البداية لجماعة الأخوان المسلمين، لكنه سرعان ما اعتنق فكر الكفاح المسلح ضد إسرائيل عقب 'نكبة' عام 1948 وقيام دولة إسرائيل فوق ما يزيد عن 70 بالمئة من مساحة فلسطين التي كانت خاضعة للحكم البريطاني.
بعد انتصار ثورة الضباط الاحرار في مصر في 23 يوليو/ تموز 1952، بعث عرفات، عام 1953، خطاباً الى اللواء محمد نجيب، أول رئيس لمصر، حمل ثلاث كلمات فقط هي: 'لا تنس فلسطين'. وقيل إن عرفات سطر الكلمات الثلاث بدمائه.
شارك عرفات أواخر الخمسينيات من القرن العشرين في تأسيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني 'فتح' سرا مع عدد من الناشطين الفلسطينيين الذين كانوا يعيشون في الشتات، قبل أن يصبح في منتصف الستينيات رئيسا لمنظمة التحرير الفلسطينية التي أصبحت ممثلا للشعب الفلسطيني.
وكان عرفات اكتسب أثناء خدمته بالجيش المصري خبرة في العمليات العسكرية واستخدام المتفجرات أهلته لقيادة الجناح العسكري لحركة فتح الذي عرف باسم 'العاصفة'، وبدأ عملياته عام 1965، وبعد حرب عام 1967 التي ألحقت فيها قوات الاحتلال الصهيوني الهزيمة بالجيوش العربية، واحتلت القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة.
سافر ياسر عرفات إلى الكويت عام 1958 للعمل مهندساً، وهناك كوّن هو وصديقه خليل الوزير (أبو جهاد) وعبدالله الدنان ومحمود سويد وعادل عبدالكريم عام 1965 خلية ثورية أطلق عليها اسم (فتح) وهي اختصار لحركة تحرير فلسطين، وأصدر مجلة تعبر عن هموم القضية الفلسطينية أطلق عليها اسم (فلسطيننا)، وحاول منذ ذلك الوقت إكساب هذه الحركة صفة شرعية فاتصل بالقيادات العربية للاعتراف بها ودعمها، ونجح بالفعل في ذلك فأسس أول مكتب للحركة في الجزائر عام 1965 مارس عبره نشاطا دبلوماسيا، يُذكر أن عدداً كبير من الإخوان المسلمين الفلسطينيين كانوا من أوائل المشاركين في تنظيم فتح ومنهم خليل الوزير أبو جهاد لكن معظمهم انفضّ عن الحركة لمّا دخل فيها عناصر شيوعية و يسارية .
سطع نجم حركة فتح كونها حركة تحرير وطني تعتمد الكفاح المسلح كسبيل لتحرير الأرض المحتلة وإعادة الحقوق المغتصبة، وبرز اسم ياسر عرفات كزعيم فلسطيني عام 1967 حينما قاد بعض العمليات الفدائية ضد قوات الاحتلال الصهيوني عقب عدوان 1967 انطلاقاً من الأراضي الأردنية.
وقد اكتسب عرفات المزيد من الشهرة كقائد عسكري ميداني في عام 1968 عندما قاد قواته في القتال دفاعاً عن بلدة 'الكرامة' الأردنية – بمشاركة المدفعية الأردنية - أمام قوات صهيونية أكثر عدداً وأقوى تسلحاً، وزرعت معركة الكرامة الإحساس بالتفاؤل بين الفلسطينيين، كما أدت لارتفاع راية قوى التحرر الوطني الفلسطينية بعد فشل الأنظمة العربية في التصدي لقوات الاحتلال الصهيوني، وفي عام 1969 انتخب المجلس الوطني الفلسطيني ياسر عرفات رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية خلفاً ليحيى حمودة فيما لا تزال كثير من جوانب هذا الانتقال محل تساؤل ، وبدأت مرحلة جديدة في حياته منذ ذلك الحين.
في أواخر الستينيات، شهد الأردن توتر ما بين فصائل المقاومة الفلسطينية والحكومة الأردنية. إذ سيطر المقاتلين الفلسطينيين على عدد من النقاط الحيوية في الأردن، ومنها مصفاة البترول الأردنية. شعر الأردن عندها بالتهديد من الجماعات الفلسطينية التي لم يكن لها قيادة مركزية، وأدت تراكمات عدة أحداث إلى أندلاع القتال ما بين قوات الحكومة الأردنية والمقاتلين الفلسطينيين في يونيو 1970 أسفرت عن سقوط ضحايا كثر من كلا الجانبين فيما عرف بأحداث 'أيلول الأسود'.
ورغم محاولة الدول العربية التهدئة ما بين الأردن والفصائل الفلسطينية، إلا أن الأمور تأزمت، إلا انه في 16 سبتمبر أعلن الملك حسين بن طلال ملك الأردن عن تطبيق القوانين العسكرية في الدولة، وفي دات اليوم، تم الإعلان عن تنصيب ياسر عرفات منصب القائد الأعلى لجيش التحرير الفلسطيني، الجناح العسكري لمنظمة التحرير الفلسطينية. إلا أنه في أواخر شهر سبتمبر من هذا العام، وعلى أثر نجاح القوات الأردنية في مهمتها، تم اعلان وقف اطلاق النار، وانسحبت الفصائل الفلسطينية وعرفات من الأردن إلى لبنان.